في عالم الأفعال، المشاريع كالبيوت المبنية من بطاقات اللعب، بناء نموذج جيد يستغرق وقتا طويلا وكثيرا من الصبر والتركيز والدقة،

 بل حركة واحدة غير صحيحة، نسمة هواء شاردة، كفيلة بتحطيم كل شيء وتكويمه على الأرض مرة أخرى.

تجنب هذه الاخطاء لانها تحطم مشروعك

ايضا هي المشاريع؛ ربما تمكنت من بناء مشروع أحلامك، زبائنك راضون عما تقدمه لهم، ومداخيلك جيّدة، باختصار كل شيء سلس على ما يرام،

 هل حان وقت السكون والسُّكون؟ كلا، خطوة واحدة غير صحيحة قد تعيدك إلى نقطة البداية.

اخطاء تحطم مشروعك تعرف عليها وتجنبها

في هذه التدوينة  نستعرض معك عشرة أخطاء ربما أن تكون السبب في تحطم مشروعك:

1-عدم التداول باحترافية

أن تتعامل مع زبائنك وموظفيك كما تبادل أصدقاء هو وسيلة جيّدة لتحطيم مشروعك، أن تلقي الدعابات في اجتماعات العمل باستمرار، تخبرهم عن حياتك الخاصة، ما طبخت زوجتك على الغداء وكيف يرهقك ابنك بدرجاته المنخفضة، وكيف لا تعرف لون الستائر الجديدة الذي عليك اختياره، ستفقد جزءا من احترامك وهيبتك كصاحب المشروع بهذا الشكل، لن ينظر إليك عملاؤك كشخص محترف، وسيراك موظفوك كشخص يسهل التحكم فيه.

لا أحد يطلب منك التحول إلى آلة، بعض المرح في العمل  في بعض الأحيان مقبول مادمت تحافظ على التبادل باحترافية ومهنية، بل ضع في اعتبارك أن بعض التصرفات غير مناسِبة في إطار علاقات العمل.

2-معاملة العملاء كأرقام

عملاؤك أشخاصٌ لديهم مشاعر، يملكون درجة حساسية عالية، إذا أخطأت معهم بنصف كلمة، فقد تجد لها ألف تأويل وانتقاص من مهنيتك.

 لكل واحد منهم تفرّده واحتياجاته الخاصة، فمن المهم جدا أن تشعرهم أنك تفهم هذا التفرد وتتعامل على أساسه للحفاظ عليهم.

 في اللحظة التي يصبح فيها عملاؤك مجرد ملفات مرقمة في سجلاتك تستخدمها لحساب عائداتك، أنت تضع مشروعك في منعرج خطير عادة ما يقوده إلى الفشل.

هنالك غير دقيق فادح قد ترتكبه بإساءة التصرف مع شخص تعتقد أنّه لن يعود عليك بأيّة فائدة، متناسيا أنّ تجربتك مع هذا المستخدم ستؤثر على الآخرين،

 هذا الشخص الذي يتصرّف على صوب فظّ قد يستقطب لك زبائن محتملين، قد يحدثهم عن لباقتك في الرد على تصرفه السيء، أو 

على الأقل إذا لم يأخذ انطباعا سيئا فسيخبر أصدقاءه عن شركتك في المرة التي يتطلبون منتجا يتوفر عندك، لذلك لا تحاول 

فلترة زبائنك بطرد الذين لا تحتاجهم، حسن معاملة الجميع عامل مهم لاستقطاب آخرين لم تخطط يوما لاستهدافهم.


يمكن ايضاً أن تقلب استفزازات العملاء إلى صالحك ببراعة، قبل أيام لاحظت على صفحة لإحدى أهم شركات الاتصالات 

في الوطن العربي تعليقا ساخرا، شخص يطلب من الشركة إرساله لقضاء عطلة في جزر المالديف بطريقة تهكمية، ببساطة تم الرد 

عليه بمنتهى البراعة “سنحوّل طلبك للجهات المختصّة لدينا لدراسته”، لم يخسر مسؤول التواصل شيئا في هذا الرد، إلا أن ربح 

تقدير المتابعين والكل تحدّث عنه، هكذا قد تقلب كلّ شيء لصالحك! طبعا إذا كنت تعتمد على مسؤول تتواصل لبق وذكي بما فيه الكفاية.

3-الإنصات للشكاوى وأخذها بجدية

مَهما كانت فكرتك إبداعية وعملية، تمويلك جيد وموظفوك أكفاء، إن لم يجد مشروعك أي زبائن فهو مشروع فاشل، لذلك يتوجّب 

عليك الاستماع للشكاوى وأخذها بجدية، إن وجد العملاء أن تصميم موقعك منفّر مثلا.. أيا كان أحببته غيِّره، الموقع موجود لأجلهم. 

أطلب آراءهم لاستقبال الشكاوى بطريقة دبلوماسية أفضل من أن يقدموها إلى عملائك المحتملين مستقبلا! واحذر أن تحذف آراء 

من ينتقدونك أو ينتقصون من حجم عملك، عندما يود العميل شراء منتج ما، في العادة يحب الاطلاع على شهادات العملاء الآخرين، وإذا وجد أنّها إيجابية كلّها فسيشكّك في مصداقيتك.


عندما تأخذ ما يقوله عملاؤك بجدية، فهذا لا يعطيهم ما يريدونه فحسب، إلا أن يظهر لهم أنك فعلا مهتم بهم وتأخذ الوقت للحرص 

على جعل عملك مناسبا لاحتياجاتهم، هذا سيكسبك احترامهم وفي العادة تحصل على زبائن أوفياء يستمرون بالتعامل معك مستقبلا.

4-إهمال الوقت

أهم شيء تملكه هو وقتك، في عالم الأفعال “الوقت هو مال”، وبقدر حجم وقتك تكون كمية ما تحصل عليه. فإن أردت

لمشروعك أن يتحطم فأسئ ترتيب أولوياتك، امنح الكثير من الوقت لأشياء عديمة حجم، لا تستخدم أية قوائم أو وسائل لتنظيم

الوقت، وإن حدث وكتبت قائمة فلا تعد إليها بعد ذلك بأي حال من الأحوال، إذا كنت تعاني من الضغط أو ضيق الوقت، إليك هذه الحلول.

5-افتقارك للطف، والتعامل مع الموضوعات بعاطفية

أنت تحب مشروعك، الجميع يتفهم هذا، لست ملاما أن تحمل مشاعر قوية تجاه مشروعك، بل أن تسمح لها بالانفجار والتحكم فيك أثناء العمل هذا شيء مرفوض.

لا تأخذ الأمور على محمل شخصي زيادة عن اللزوم، إن سمحت لنفسك بالانهيار والتفكير بعاطفية في غير مشابه مشكلة تقابلك،

 فأنت تظهر لعملائك وموظفيك على حد سواء أنك شخص يفتقد الاتزان ويصعب الاعتماد عليه، كما أن الانفعال الزائد سيفقدك فرصة 

التفكير بعقلانية لإيجاد حل لمشاكلك، الغضب والتفكير العقلاني نادرا ما يجتمعان، لذلك إن وجدت نفسك في موقف أفقدك 

أعصابك فابتعد قليلا حتى تهدأ، أو يمكنك أن تترك العمل لما تبقى من اليوم فأن تفقد يوم عمل واحد أفضل من أن تفقد 

المشروع كاملا بسبب لحظة تهور، حتى إن كنت تعتقد يقينا أنّ معك الحق فقل ما تريده بلطف وراعي مشاعر الآخرين، الكل ينظر إليك كمدير مشروع لا كشخص عادي.

بحديثنا عن حراسة وحفظ تعاملك اللبق، يحضرني ما تحدث عنه مؤسس ومدير أمازون”جيف بيزوس” في محاضرته التي قدمها 

لخريجي جامعة برينستون، فضّل أن يتحدّث عن تجربة طريفة على أن يتحدث عن علوم الحاسب الآلي والتكنولوجيا، أثناء فترة طفولته 

كان في رحلة مع جديّه و كان قد شغوفا بالحِساب، عندما تذمّر من جدته التي تدخّن طوال اليوم بدأ يعدّ السجائر التي تدخّنها 

والخطر الناجم عن كلّ نفخة، ليتوصل بنتيجة نهائية يلقيها في وجهها “لقد قضيت على تسعة سنوات من عمرك!”، بدأت جدّته تبكي فأوقف جدّه السيارة وصرح له:

“جيف، سوف تفهم يوما ما، أنّ التحلي باللطف أصعب من التحلي بالذكاء”.

6-سوء اختيار المستوظفين

إذا كان مشروعك ناميا بما يكفي أو في طريقه صوب النمو، فأنت محكوم باستخدام موظفين أو مستقلين، وأسرع كيفية لتحطيم مشروعك هي تكليف الأشخاص الخطأ.

هل تذكر في البداية عندما قلنا إن المشاريع هي كبيوت أوراق اللعب، فكر في موظفيك كأوراق.. أرضيتك جيّدة، النافذة مغلقة 

بإحكام ولا سبيل لدخول الهواء، تركّز جيّدا وتصّر أن تضع كل ورقة في مكانها بحرص، بل تخيل تلك اللحظة أن إحدى 

الأوراق مثنية الأطراف أو ليست بقوة الأوراق الأخرى، البيت سينهار بغض النظر عن كل ما فعلته!


إن أول ما يلفت الحيطة للشركات الكبرى هو طبيعة موظفيها، أن يخبرك شخص ما أنّه يعمل في شركة معينة دليل على إمكانياته 

العالية بسبب المعايير الصارمة لتلك الشركة، لذلك من المهم أخذ الوقت اللازم لاختيار موظفيك بناءً على كفاءاتهم قبل كلّ شيء.

7-عدم التحديث

في السنة الفائتة استخدمت استراتيجية رفعت عدد الزبائن بشكل ملحوظ وحقق المشروع بها نجاحا باهرا، يمكنك إذن إعادة الشيء 

نفسه هذه السنة؟ أجل، إن كنت تريد لمشروعك أن يدخل دائرة الركود قبل أن ينهار، فيمكنك دوما تتابع استراتيجيات السنة 

الفائتة التي تنسخ من استراتيجيات السنة التي قبلها وبالتالي دواليك.

عالم الإجراءات هو عالم سريع الريادة، قطار سريع نسعى باستمرار أن نكون على متنه، حتى وإن كان ذلك في آخر مقعد، أفضل 

من عدم اللحاق. واظب باستمرار على متابعة الدورات والقراءة في مجالك، استفد من المحاضرات، أحرص على تبادل 

الخبرات مع أشخاص في مجالك، عالم الممارسات هذه السنة مختلف عن السنة الماضية، وزبائن هذه السنة واحتياجاتهم تختلف 

عما كانت عليه السنة السابقة، ولن تكون نفسها بعد سنة من تلك اللحظة كذلكً.


كن حريصا على ضخّ روح جديدة في عملك، الكثير من الشركات العالمية حقّقت نجاحا باهرا بعد أن غيّرت الأفكار التي بدأت بها أو 

طوّرتها، تويتر بدأت كخدمة توصيل للبودكاست، فايسبوك كشبكة تواصل بين طلاب هارفرد، حتى أمازون بدأ كموقع بسيط لبيع الكتب!

8-عمالك بشر وليسوا جيش آلات

عودة إلى مثال أوراق اللعب، أيما كانت أوراقك ذات جودة عالية فهي محكومة بأن تهترئ وتُسقط ما بنيته كاملا إن لم تولها العنايةالضرورية.

عُمّالك بشر وليسوا جيش آلات بلا شعور، من المهم أن تعاملهم بمقدار الاحترام والتقدير نفسه الذي تقدمه لزبائنك. أن تكافئهم إن قدّموا عملا مميّزا،

 تثني على مجهوداتهم، تخصّص لهم علاوات وامتيازات خاصة كتوفير وجبة الغداء طوال أيام السنة بلا في مقابل بعد التعاقد 

مع المطعم الذي بجوار مؤسستك كخطوة بسيطة لشركتك الناشئة، ثم تتقدّم إلى خطوات أهم تدريجيا بالتوازي مع 

تقدّم عائداتك وتوسّع شركتك، والأهم من ذلك أن تستمع إلى مشاكلهم وتسعى دائما لتوفّر لهم مساحة إبداعية.

استفد من نماذج الشركات الكبرى، 

أكثر الشركات نجاحا تجد فيها عناية هائلة بالعمال واحتياجاتهم، وتحافظ على نسبة رضا عالية جدا عند العمال. على سبيل 

المثال شركة فايسبوك، إحدى أنجح الشركات عالميا، تعتبر الشركة ذات المعدل الأعلى لرضا العمال على المستوى 

الأمريكي،  حيث بلغت نسبة 97%،إذ توفر لموظفيها الكثير من إمتيازات: يبلغ متوسط الأجور لعمالها 135 ألف دولار، رعاية 

صحية وأطباء في موضع العمل، خدمات تنظيف وتجفيف للملابس، درّاجات للتنقل داخل المقر، والأهم عطلة أبوة مدفوعة  من  

أربعة أشهر لكلا الأبوين لقضائها مع المولود الجديد، المثير للاهتمام أن العطلة صالحة حتى في حالة التبني! كل الميزات السابقة،صنفت فايسبوك كإحدى أفضل الشركات للعمل فيها على الإطلاق.

لا تجعل الأمر “مشروعي وعُمّالي” إلا أن “مشروعنا”، أشعِر موظفيك أنّهم جزء من المشروع وأن أي مكسب يحقّقه المشروع هو 

انتصار لهم، في تلك الحالة سيقدّمون ما لديهم بسعادة، لن يعملوا لأجل الراتب وحده إلا أن لأجل النجاح.

9-

الحجم أكثر أهمية من النوعية

التضحية بجودة العمل قد توفر وقتا أكبر الشأن الذي يعني زبائن أكثر، لكنه أيضا يعني أن زبائنك لن يعودوا بعدها مرة أخرى.

الزبائن سريعو الملاحظة عندما يتعلق الأمر بتدني في نوعية الخدمة أو السلعة المقدّمة، وبذلك الابتعاد تدريجيا عنك لمنافس يقدّم لهم ما يريدونه بجودة أفضل.

قد يستغرق التركيز على الجودة وقتا أطول، ويعني القدرة على خدمة زبائن أسفل، بل هؤلاء الزبائن سيستمرون بالعودة، وسيدفعون أكثر، 

وسيتوسّع عملك على باتجاه أكبر، مع الوقت يمكنك إضافة موظفين جدد لتلبية طلبات أكثر، بل ليس على حساب الجودة.


لم نسمع يوما بمنتجات شركة شانال للملابس والعطور تغرق السوق، بلّها بالتأكيد تحقّق في بضعة أعوام ما 

لن تحلم أيّ من الشركات الصينية التي ترى منتجاتها في كل مكان بتحقيقه طوال مسيرتها.


الجودة قبل كل شيء، إلّا إن أردت لمشروعك أن يتبدل لإحدى تلك المشاريع التي تغرق السوق لسنة ثم لن يسمع عنها أحد بعد ذلك عندما يلاحظ الجميع رداءة ما تقدمه.

10-القيام بكل شيء بمفردك

الثقة بالآخرين من المحتمل أن تكون صعبة، أنت وحدك من ترى الصورة كاملة وتعرف بالضبط ما يجب أن يكون عليه مشروعك،

 بل السبيل الوحيد كي تتحمّل مسؤولياته وحدك هو بأن تبقيه صغيرا بشكل كبير بحيث يكون بعيدا كل البعد عما تطمح أن يكون عليه يوما ما،

 لا سبيل لتكبير مشروعك دون إلقاء بعض المسؤوليات على أشخاص آخرين، استخدم أشخاصا أذكياء تثق بهم، أعلمهم بما تريد الوصول إليه ودع لهم التصرف في بضعة أمور،

 أطلب الخدمات التي من المحتمل أن يقوم بها غيرك، كالتصميم والبرمجة، الكتابة والتسويق.. ستجد الكثير من الأشخاص الجيّدين  في مجالاتهم الذين يستطيعون معاونتك،

 هذا يتيح لك الوقت للاهتمام بالأشياء الأهم التي لا يستطيع أحد القيام بها غيرك، الخدمات المصغرة قد تصبح فعلا 

بمثابة الحلّ المثالي لأصحاب الشركات الناشئة فلا تهملها.

استمع لآراء المستقلين ايضا، أنت تطلب الخدمات من أشخاص أذكياء كي يساعدوك فيما عليك فعله لا كي تملي عليهم كل أفعالهم، بالتأكيد المشروع هو مشروعك، 

لكنك لا تعرف كل شيء، لا ضير من نقاش بعض الأفكار وحتى التنازل عن بعض أفكارك على حساب أخرى أفضل، أنت هو المستفيد من كل هذا.

اخترنا لك عشرة أخطاء وجدناها الأخطر والأكثر شيوعا، ابق متيقظا لها، وتعلّم أكثر لتتجنّب الوقوع في المزيد من الأخطاء.. الطريق أمامك،

 قدّم شيئا مميّزا واقتحم مجالك، العالم بانتظارك!